الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
{وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ} الواو استئنافية أيضا {ونبلوكم} فعل مضارع وفاعل مستتر تقديره نحن والكاف مفعول به و{بالشر} متعلقان بنبلوكم {والخير} عطف على الشر أي نختبركم بما يجب فيه الصبر وبما يجب فيه الشكر و{فتنة} مصدر مؤكد لنبلوكم من غير لفظه لأن الابتلاء فتنة فكأنه قيل نفتنكم فتنة ويجوز أن يعرب مفعولا من أجله أو نصبا على الحال من فاعل {نبلوكم} أي فاتنين لكم و{إلينا} متعلقان بترجعون و{ترجعون} فعل مضارع مبني للمجهول والواو نائب فاعل والجملة معطوفة على {نبلوكم} أو حالية. {وَإِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا} لك أن تجعل الواو استئنافية فتكون الجملة مستأنفة مسوقة لتقرير موقفهم من النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأن تجعلها عاطفة فتكون الجملة معطوفة على قوله الآنف {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى} {وإذا} ظرف لما يستقبل من الزمن وجملة {رآك} مضاف لها الظرف وفاعل {رآك} {الذين} والكاف مفعول به وجملة {كفروا} صلة و{إن} نافية و{يتخذونك} فعل مضارع وفاعل ومفعول به و{إن} النافية و{ما} في حيزها جواب {إذا} وسيأتي ذكر السبب في عدم اقتران الجواب بالفاء في باب الفوائد و{إلا} أداة حصر و{هزوا} مفعول به ثان إما على الوصف بالمصدر مبالغة وقد مرت له نظائر وإما على حذف مضاف، هذا ويجوز أن تكون {إن} النافية وما بعدها جملة معترضة فيكون الجواب قوله الآتي: {أَهذا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمنِ هُمْ كافِرُونَ} الهمزة للاستفهام والاستفهام معناه السخرية والجملة اما جواب {إذا} كما تقدم وإما مقول قول محذوف أي يقول بعضهم لبعض على سبيل السخرية والهزء {أهذا} وهذا مبتدأ و{الذي} خبره وجملة {يذكر} صلة و{آلهتكم} مفعول به والواو حالية و{هم} مبتدأ وبذكر متعلقان بكافرون و{الرحمن} مضاف إليه و{هم} تأكيد لهم الأولى تأكيدا لفظيا و{كافرون} خبر {هم} والجملة حال إما من فاعل {يتخذونك} وإما من فاعل القول المقدر كما أسلفنا ومفعول يذكر محذوف وسيرد بحثه في باب البلاغة.{خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ} الجملة مستأنفة مسوقة للرد على استعجالهم العذاب و{خلق} فعل ماض مبني للمجهول و{الإنسان} نائب فاعل و{من عجل} متعلقان بخلق أو بمحذوف حال وسيأتي معنى هذا التركيب في باب البلاغة و{سأريكم} السنين للاستقبال وأريكم فعل مضارع وفاعل مستتر تقديره أنا والكاف مفعول به أول و{آياتي} مفعول به ثان والفاء عاطفة و{لا} ناهية و{تستعجلون} فعل مضارع مجزوم بلا الناهية وعلامة جزمه حذف النون والواو فاعل والياء المحذوفة للرسم مفعول به وجملة {سأريكم} مستأنفة أيضا مسوقة لتأكيد العجلة وعاقبتها التي هي رؤية العذاب. {وَيَقُولُونَ مَتى هذا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ} الواو استئنافية والجملة مستأنفة مسوقة لإيراد نمط من استعجالهم المذموم ويقولون فعل مضارع مرفوع والواو فاعل ومتى اسم استفهام في محل نصب على الظرفية وهو متعلق بمحذوف خبر مقدم وهذا مبتدأ مؤخر والوعد بدل وإن شرطية وكنتم كان واسمها في محل جزم فعل الشرط و{صادقين} خبر {كنتم} وجواب ان محذوف تقديره فعينوا موعده وخطابهم للنبي وأصحابه.{لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ} {لو} شرطية و{يعلم} فعل مضارع و{الذين} فاعل وجملة {كفروا} صلة وحين يجوز أن يكون مفعول يعلم أي الوقت الذي يستعجلون فيه بقولهم {متى هذا الوعد} وهو وقت صعب ضنك تحيط بهم النار من كل مكان لما كانوا بتلك المثابة من الكفر فجواب {لو} محذوف وقد تقدمت الإشارة إليه كثيرا ويجوز أن يكون يعلم متروكا بلا تعدية بمعنى لو كان معهم علم ولم يكونوا جاهلين لما كانوا متعجلين و{حين} منصوب بمضمر أي حين لا يكفوا عن وجوههم النار يعلمون أنهم كانوا على الباطل والأرجح ان مفعول يعلم محذوف لدلالة ما قبله عليه أي لو يعلم الذين كفروا مجيء الموعود الذي سألوا عنه واستبطئوه وحين منصوب بالمفعول الذي هو مجيء وجملة {لا يكفون} مضافة إلى الظرف و{عن وجوههم} متعلقان بيكفون و{النار} مفعول به و{لا عن ظهورهم} معطوفة، والواو حرف عطف و{لا} نافية و{هم} مبتدأ وجملة {ينصرون} خبر و{ينصرون} فعل مضارع مبني للمجهول والواو نائب فاعل. {بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّها وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ} {بل} حرف إضراب وعطف و{تأتيهم} فعل مضارع وفاعل مستتر يعود على النار و{بغتة} حال أتى مصدرا وقيل مفعول مطلق وسيأتي مزيد بحث عنه في باب الفوائد، فتبهتهم عطف على {تأتيهم} {فلا يستطيعون} عطف أيضا وردها مفعول {يستطيعون} {ولا هم ينظرون} عطف أيضا و{هم} مبتدأ وجملة {ينظرون} خبر كما أنظروا وأمهلوا من قبل.
يقول أبو الطيب: لا تصل الأماني إلى قلبه فتستميله، ولا إلى لسانه فتجري عليه لأنه لا يحتاج أن يتمنى شيئا إلا وله خير منه أو صار له ذلك الشيء فالأماني تقصر عن بلوغ قدره، وتقصر عن جلالة أمره وتمسي صرعى دون إدراك مجده فما يتمنى في الرفعة أكثر مما قد بلغه، ولم يزل سيف الدولة لهجا بهذا البيت معظما له، مثنيا عليه، مقرا له بأنه لا يلحق سبقا ولا يأتي أحد في بابه من المبالغة بمثل ما أتى به.وقال ابن نباتة السعدي وأجاد: لقد حقق له جميع آماله ومشتهياته فلم يعد لديه ما يؤمله وهبه صبا إلى شيء فإنه واثق بحضوره فغدا بلا آمال.2- الإيجاز بالحذف: وذلك في حذف مفعول يذكر في قوله تعالى: {أَهذا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ} والذكر يكون بالخير والشر فإذا دلت الحال على أحدهما أطلق ولم يقيد كقولك للرجل: سمعت فلانا يذكرك فإن كان الذاكر صديقا فهو ثناء وإن كان عدوا فذم ومن جهة ثانية لم يقولوا: أهذا الذي يذكر آلهتكم بكل سوء لأنهم استفظعوا حكاية ما يقوله النبي من القدح في آلهتهم رميا بأنها لا تسمع ولا تبصر ولا تنفع ولا تضر ورئبوا بها عن نقل ذمها تفصيلا وتصريحا فنقلوه إجمالا وتلميحا، بل أومئوا إليه بالإشارة المذكورة كما يتحاشى المؤمن من حكاية كلمة الكفر وان كان قائلها غير كافر فيومىء إليها بلفظ يفهم المقصود بطريق التعريض فسبحان من أضلهم حتى تأدبوا مع الأوثان، وأساءوا الأدب على الرحمن.3- الاستعارة المكنية في قوله: {خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ} فقد شبه العجل الذي طبع عليه الشخص وصار له كالجبلة بأصل مادته وهي الطين ثم حذف المشبه به ورمز إليه بشيء من لوازمه وهو قوله خلق وقيل لا استعارة فيه وانما هو من باب القلب والأصل خلق العجل من الإنسان لشدة صدوره عنه وملازمته له والقلب موجود كثيرا في كلامهم وقد تقدمت الإشارة إليه والأول أولى وأقعد بالبلاغة ومن بدع التفاسير ما قالوه من أن العجل هو الطين بلغة حمير وقال شاعرهم: يقول النبع وهو شجر تتخذ منه القسي في الصخرة الصماء الصلبة لا في غيرها منبته أي نباته والنخل ينبت في الأرض اللينة الريانة فهو بين الماء والعجل أي الطين وهذه لغه حمير كما قيل والظاهر أن الشطر الأول تمثيل للصعب البخيل والثاني للسهل الجواد أو الأول للشجاع والثاني للجبان لشدة الأول ورخاوة الثاني وعلى كل حال هذا المعنى غير وارد في الآية الكريمة لأن السياق يأباها فهم يستعجلون واللّه سبحانه ينعى عليهم عجلتهم.وفي هذه الآية الاستعارة المكنية بقوله: {ذائقة الموت} وليس الموت مما يذاق ولَكِنه شبههه بطعام غير مريء ولا مستساغ ولَكِنه لحتمية وقوعه وكونه أمرا لابد منه أصبح بمثابة المريء المستساغ فلا مندوحة لنفس عن ذوقه وقد تقدمت نظائر لهذه الاستعارة.
وقال المبرد: النفحة الدفعة من الشيء التي دون معظمه يقال نفحه نفحة بالسيف إذا ضربه ضربة خفيفة، وقيل: هي النصيب، وقيل هي الطرف والمعنى متقارب أي ولئن مسهم أقل شيء من العذاب، و{من عذاب ربك} صفة لنفحة، {ليقولن} اللام واقعة في جواب القسم لأنه سبق ويقولنّ فعل مضارع مرفوع بثبوت النون المحذوفة لتوالي الأمثال والواو المحذوفة لالتقاء الساكنين فاعل والنون للتوكيد و{يا ويلنا} إما نداء للويل ليحضر فهذا أوانه واما ان {يا} للتنبيه و{ويلنا} مفعول مطلق لفعل محذوف و{إنا} إن واسمها وجملة {كنا} خبرها ونا اسم كان و{ظالمين} خبرها. {وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا} جملة مستأنفة مسوقة لبيان ما سيقع عند إتيان ما أنذروه {ونضع} فعل مضارع وفاعله مستتر تقديره نحن و{الموازين} مفعول به و{القسط} وصف {الموازين} وقد وصفت بنفس المصدر مبالغة من قسط إذا عدل وليوم القيامة متعلق بـ نضع واللام بمعنى في كقولهم مضى لسبيله وقيل يمعنى عند قال الزمخشري: مثلها في قولك جئته لخمس خلون من الشهر ومنه بيت النابغة: ومعناه تتبعت رسومها وآثارها فعرفتها أي في تلك المواضع المذكورة في البيت قبله وقوله لستة أعوام أي تمام ستة أعوام مضت من عهدها وهذا العام الحاضر الذي نحن فيه هو السابع ولو قال لسبعة أعوام لأفاد أن السبعة كلها مضت وليس مرادا فقول بعضهم انه كان يكفيه أن يقول لسبعة أعوام فعجز عن إتمامه وكمله بما لا معنى له ولا وجه إلا عدم التبصر. فلا الفاء عاطفة وتظلم فعل مضارع مبني للمجهول ونفس نائب فاعل وشيئا مفعول مطلق أو مفعول ثان لتظلم.{وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ} الواو عاطفة {وإن} شرطية و{كان} فعل ماض ناقص في محل جزم فعل الشرط واسمها مستتر تقديره هو يعود على العمل و{مثقال حبة} خبر {كان} و{من خردل} صفة لحبة و{أتينا بها} في محل جزم جواب الشرط {وكفى} الواو عاطفة و{كفى} فعل ماض والباء حرف جر زائد و{حاسبين} تمييز أو حال وأنث ضمير المثقال لأنه أضيف إلى الحبة وقد مرت قاعدته.
|